تينزواتين: من جبهة الحرب إلى ساحة السياسة
بعد أحداث يوليو 25-27، اجتمع مجلس الدفاع بقيادة الانقلابيين في باماكو لمناقشة الوضع في تينزواتين.
الاجتماع كشف عن فوضى وانقسام بين القادة العسكريين، حيث تشتتت الأولويات بين السعي لتحقيق مكاسب سياسية وإرضاء الرأي العام، وبين تلبية الاحتياجات العسكرية الضرورية.
1. نقص في القوات العسكرية:
أحد أبرز التحديات التي تواجه المجلس هو نقص الجنود المستعدين لتشكيل قافلة برية باتجاه تينزواتين.
هذا النقص يعكس تآكل الروح المعنوية للقوات المقاتلة، الذين أصبحوا يعانون من الإرهاق النفسي والجسدي.
هؤلاء الجنود ليسوا فقط مرهقين، بل إنهم يرفضون أيضاً العمل تحت إمرة مرتزقة مهزومين معنوياً ويشكلون هدفاً مفضلاً للخصوم.
2. السخط بين الضباط:
من بين الأسباب التي تزيد من تعقيد الوضع، هناك حالة السخط المنتشرة بين الضباط في المستويات العملياتية والتكتيكية.
هؤلاء الضباط يشعرون بالإحباط لاضطرارهم للعمل تحت قيادة مرتزقة لا يملكون الدافع الكافي، بل باتوا أكثر حرصاً على العودة إلى ديارهم للاحتفال بأعياد نهاية السنة مع أسرهم، بدلاً من متابعة القتال في ظروف قاسية لا تجلب سوى المزيد من الخسائر.
3. التركيز على تينزواتين:
في حين أن تنزواتن أصبحت محور حملة شعبوية في عواصم مجموعة دول الساحل الإفريقي، تعاني مناطق أخرى قريبة من المراكز العسكرية الرئيسية للانقلابيين من غياب الاهتمام والتجاهل.
هذا الاهتمام المفرط بتينزواتين، الذي يتجاوز احتياجاتها الفعلية، يظهر أن المجلس يفضل التركيز على الاستعراض السياسي بدلاً من اتخاذ قرارات عسكرية فعالة.
4. فشل العمليات الجوية:
الأعمال التي تنفذها الطائرات بدون طيار لم تسفر عن أي نتائج عسكرية حاسمة، مما يثير استياء المرتزقة الذين جاؤوا للقتال من أجل المال والذين باتوا يفقدون الثقة في قدرة القيادة على تأمين النصر.
هذا الفشل يعكس خللاً في التخطيط الاستراتيجي ويزيد من تعقيد الموقف على الأرض.
5. البحث عن كبش فداء:
مع تزايد التوترات، يبدو أن القيادة العليا تميل إلى التضحية ببعض الضباط ككبش فداء لفشل العمليات.
هذا التوجه قد يؤدي إلى انقسامات خطيرة بين القادة، خاصة بين مجموعة الضباط الخمسة الذين يتولون قيادة المجلس.
هذه الانقسامات قد تكون لها تداعيات خطيرة على استقرار النظام الداخلي وعلى قدرة الجيش على تنفيذ مهامه.
6. ازدواجية القيادة:
من المثير للقلق أن يكتشف أعضاء مجلس الدفاع أن هناك مجلساً آخر ينعقد بشكل موازٍ دون علمهم أو مشاركتهم.
هذا الوضع يعكس انعدام الثقة والانسجام بين القادة، مما يزيد من تعقيد الأمور ويثير تساؤلات حول من يملك السلطة الحقيقية في باماكو.
7. المحاولات اليائسة لاحتواء الأزمة في تينزواتين
وسط هذه الفوضى، هناك بعض الضباط الذين يواصلون الإصرار على ضرورة تنفيذ عملية جوية ولو مؤقتة في تينزواتين، بغرض تصوير رفع العلم الوطني وتبرير انسحاب استراتيجي.
هذه المحاولة تعكس اليأس الذي وصل إليه هؤلاء الضباط، حيث يحاولون العثور على أي وسيلة لحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام في باماكو.
تينزواتين: مدينة تقاوم الهجمات الجوية وتنتظر الحلول السياسية
لقد أصبحت تينزواتين، المدينة التي تصدرت عناوين الأخبار العالمية خلال الأسبوعين الماضيين، رمزاً للصراع بين الطموحات السياسية والعسكرية في .
في حين تستمر الطائرات بدون طيار في ضربها دون أن تحقق أي نتائج ملموسة، الضربة¹،الضربة²، يبقى السؤال: إلى متى ستستمر هذه اللعبة السياسية على حساب حياة الجنود والمواطنين.
في النهاية، يبدو أن باماكو تواجه خيارات صعبة تتطلب قيادة حكيمة وشجاعة لاتخاذ القرارات الصائبة، بعيداً عن النزعات الشعبوية والاستعراضات السياسية.
الخيارات المتاحة ليست سهلة، لكنها ضرورية لتجنب كارثة أكبر قد تهدد استقرار البلاد والمنطقة بأكملها.